قوله تعالى ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (١٣٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أمر بتزكية النفس أتبعه الإعلام بأن منها تزكية الغير، لأن ذلك أدل على الإخلاص، وأجدر بالخلاص، كما دل عليه مثل السفينة الذي ضربه رسول الله ـ ﷺ ـ لمن يأمر بالمعروف ومن يتركه فقال ﴿وأمر أهلك بالصلاة﴾ كما كان أبوك إسماعيل عليه السلام، ليقودهم إلى كل خير ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ [ العنكبوت : ٤٥ ] ولم يذكر الزكاة لدخولها في التزهيد بالآية التي قبلها.
ولما كانت شديدة على النفس عظيمة النفع، قال ﴿واصطبر﴾ بصيغة الافتعال ﴿عليها﴾ أي على فعلها، مفرغاً نفسك لها وإن شغلتك عن بعض أمر المعاش، لأنا ﴿لا نسألك رزقاً﴾ أي نكلفك طلبه لنفسك ولا لغيرك، فإن ما لنا من العظمة يأبى أن نكلفك أمراً، ولا نكفيك ما يشغلك عنه.


الصفحة التالية
Icon