قوله تعالى ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ابتهلوا بهاتين الآيتين في الإنجاء عن النار توسلوا بذكر مسارعتهم إلى إجابة الداعي بقولهم ﴿ربنآ﴾ ولما كانت حالهم - لمعرفتهم بأنهم لا ينفكون عن تقصير وإن بالغوا في الاجتهاد، لأنه لا يستطيع أحد أن يقدر الله حق قدره - شبيهة بحال من لم يؤمن ؛ اقتضى المقام التأكيد إشارة إلى هضم أنفسهم بالاعتراف بذنوبهم فقالوا مع علمهم بأن المخاطب عالم بكل شيء :﴿إننا﴾ فأظهروا النون إبلاغاً في التأكيد ﴿سمعنا منادياً﴾ أي من قبلك، وزاد في تفخيمه بذكر ما منه النداء مقيداً بعد الإطلاق بقوله :﴿ينادي﴾ قال محمد بن كعب القرظي : هو القرآن، ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما كانت اللام تصلح للتعليل ومعنى " إلى " عبر بها فقيل :﴿للإيمان﴾ ثم فسروه تفخيماً له بقولهم :﴿أن آمنوا بربكم﴾ ثم أخبر بمسارعتهم إلى الإجابة بقولهم :﴿فآمنا﴾ أي عقب السماع.