قوله تعالى ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (١١٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تناهى الأمر واشتد التشوف إلى ما صنغ موسى عليه السلام، قال معلماً عنه عطفاً على ﴿وجاءو﴾ :﴿وأوحينا﴾ أي مظهرين لعظمتنا على رؤوس الأشهاد بما لا يقدر أحد أن يضاهيه ﴿إلى موسى أن ألق عصاك﴾ أي فألقاها ﴿فإذا هي﴾ من حين إلقائه لها ﴿تلقف﴾ أي تلتقم التقاماً حقيقياً شديداً سريعاً جداً بما دل عليه حذف التاء، ودل على كثرة ما صنعوا بقوله :﴿ما يأفكون﴾ أي يجددون حين إلقائهم في تزويره وقلبه عن وجهه، فابتلعت ما كان ملء الوادي من العصيّ والحبال، ثم أخذها موسى عليه السلام فإذا هي كما كانت لم يزد شيء من مقدارها على ما كانت عليه، وفي هذا السياق المعلم بتثبت موسى السلام بعد عظيم ما رأى من سحرهم إلى الإيحاء إليه بيان لأدبه عليه السلام في ذلك المقام الضنك وسكونه تحت المقاربة مع مرسله سبحانه إلى بروز أوامره الشريفة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٨٣﴾
فصل
قال الفخر :
﴿وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ يحتمل أن يكون المراد من هذا الوحي حقيقة الوحي.
وروى الواحدي عن ابن عباس : أنه قال : يريد وألهمنا موسى أن أَلْقِ عَصَاكَ.
ثم قال :﴿فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
فيه حذف وإضمار والتقدير ﴿فألقاها فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ ﴾.
المسألة الثانية :
قرأ حفص عن عاصم ﴿تَلْقَفْ﴾ ساكنة اللام خفيف القاف، والباقون بتشديد القاف مفتوحة اللام.
وروي عن ابن كثير ﴿تَلْقَفْ﴾ بتشديد القاف.
وعلى هذا الخلاف في طه والشعراء.
أما من خفف فقال ابن السكيت : اللقف مصدر لقفت الشيء ألقفه لقفاً إذا أخذته، فأكلته أو ابتلعته، ورجل لقف سريع الأخذ، وقال اللحياني : ومثله ثقف يثقف ثقاً وثقيف كلقيف بين الثقافة واللقافة، وأما القراءة بالتشديد فهو من تلقف يتلقف، وأما قراءة بن كثير فأصلها تتلقف أدغم إحدى التاءين في الأخرى.
المسألة الثالثة :