قوله تعالى ﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بلغت هذه المواعظ من القلوب الواعية مبالغاً هيأها به للقبول، أقبل عليها سبحانه بالأمر فقال :﴿انفروا خفافاً وثقالاً﴾ والمراد بالخفة كل ما يكون سبباً لسهولة الجهاد والنشاط إليه، وبالثقل كل ما يحمل على الإبطاء عنه ؛ وقال أبو حيان : والخفة والثقل هنا مستعار لمن يمكنه السفر بسهولة ومن يمكنه بصعوبة، وأما من لا يمكنه كالأعمى ونحوه فخارج عن هذا - انتهى.
قال البغوي : قال الزهري : خرج سعيد بن المسيب رحمه الله الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له : إنك عليل صاحب ضرر فقال : استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع ؛ وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده بسند صحيح عن أنس أن أبا طلحة ـ رضى الله عنهما ـ قرأ سورة براءة فأتى على هذه الآية فقال : لا أرى ربي يستنفرني شاباً وشيخاً! جهزوني، فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فما تغير، ﴿وجاهدوا﴾ أي أوقعوا جهدكم ليقع جهد الكفار.