قوله تعالى ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان التقدير - لما أرشد إليه تقاعدهم عن القتال وإدخال " أم " المرشد إلى أن مدخوله وسط الكلام فإن الابتداء له الألف وحدها : وهل حسبتم أنه تعالى لا يعلم ذلك أو لا يقدر على نصركم؟ بنى عليه قوله موبخاً لمن تثاقل عن ذلك بنوع تثاقل :﴿أم حسبتم﴾ أي لنقص في العقل انه يبني الأمر فيه على غير الحكمة، وذلك هو المراد بقوله :﴿أن تتركوا﴾ أي قارين على ما أنتم عليه من غير أن تبتلوا بما يظهر به المؤمن من المنافق ﴿ولما﴾ عبر بها لدلالتها - مع استغراق الزمان الماضي - على أن يتبين ما بعدها متوقع كائن ﴿يعلم الله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال ﴿الذين جاهدوا منكم﴾ أي علماً ظاهراً تقوم به الحجة عليكم في مجاري عاداتكم على مقتضى عقولكم بأن يقع الجهاد في الواقع بالفعل.