قوله تعالى :﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى
ولما أتم سبحانه وتعالى البيان لما أراده مما شرعه في شهر الصوم ليلاً ونهاراً وبعض ما تبع ذلك وكان كثير من الأحكام يدور على الهلال لا سيما أحد قواعد الإسلام الحج الذي هو أخو الصوم وكانت الأهلة كالحكام توجب أشياء وتنفي غيرها كالصيام والديون والزكوات وتؤكل بها الأموال حقاً أو باطلاً وكان ذكر الشهر وإكمال العدة قد حرك العزم للسؤال عنه بين ذلك بقوله تعالى :﴿يسئلونك﴾ وجعل ذلك على طريق الاستئناف جواباً لمن كأنه قال : هل سألوا عن الأهلة ؟ فقيل : نعم، وذلك لتقدم ما يثير العزم إلى السؤال عنها صريحاً فكان سبباً للسؤال عن السؤال عنها، وكذا ما يأتي من قوله ﴿يسئلونك ماذا ينفقون﴾ [البقرة : ٢١٥] ﴿يسئلونك عن الشهر الحرام﴾ [البقرة : ٢١٧] ﴿يسئلونك عن الخمر والميسر﴾ [البقرة : ٢١٩] بخلاف ما عطف على ما قبله بالواو كما يأتي، وسيأتي إن شاء الله تعالى في سورة الأنعام ما ينبغي من علم النجوم وما لا ينبغي ﴿عن الأهلة﴾ أي التي تقدم أنه ليس البر تولية الوجه قبل مشارقها ومغاربها : ما سبب زيادتها بعد كونها كالحظ أو الخيط حتى تتكامل وتستوي ونقصها بعد ذلك حتى تدق وتنمحق ؟ قال الحرالي : وهي جمع هلال وهو ما يرفع الصوت عند رؤيته فغلب على رؤية الشهر الذي هو الهلال - انتهى.