قوله تعالى :﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)﴾
مناسبة الآيتين لما قبلهما
قال البقاعى :
ولما كان قول نعيم بن مسعود أو ركب عبد القيس عند الصحابة رضي الله عنهم صدقاً لا شك فيه لما قام عندهم من القرائن، فكان بمنزلة المتواتر الذي تمالأ عليه الخلائق، وكانت قريش أعلى الناس شجاعة وأوفاهم قوة وأعرقهم أصالة فكانوا كأنهم جميع الناس، كان التعبير - بصيغة في قوله :﴿الذين قال لهم الناس﴾ أي نعيم أو ركب عبد القيس ﴿إن الناس﴾ يعني قريشاً ﴿قد جمعوا لكم فاخشوهم﴾ أمدح للصحابة رضي الله عنهم من التعبير عمن أخبرهم ومن جمع لهم بخاص اسمه أو وصفه.
ولما كان الموجب لأقدامهم على اللقاء بعد هذا القول الذي لم يشكوا في صدقه ثبات الإيمان وقوة الإيقان قال تعالى :﴿فزادهم﴾ أي هذا القول ﴿إيماناً﴾ لأنه ما ثناهم عن طاعة الله ورسوله ﴿وقالوا﴾ ازدراء بالخلائق اعتماداً على الخالق ﴿حسبنا﴾ أي كافينا ﴿الله﴾ أي الملك الأعلى في القيام بمصالحنا.
ولما كان ذلك هو شأن الوكيل وكان في الوكلاء من يذم قال :﴿ونعم الوكيل﴾ أي الموكول إليه المفوض إليه جميع الأمور ؛ روى البخاري في التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" هذه الكلمة قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد ﷺ حين قالوا : إن الناس قد جمعوا لكم.
وقال : كان آخر كلمة قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار : حسبي الله ونعم الوكيل ".