ولما كان اعتمادهم على الله سبباً لفلاحهم قال ﴿فانقلبوا﴾ أي فكان ذلك سبباً لأنهم انقلبوا، أي من الوجه الذي ذهبوا فيه مع النبي ﷺ ﴿بنعمة﴾ وعظمها بإضافتها إلى الاسم الأعظم فقال :﴿من الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿وفضل﴾ أي من الدنيا ما طاب لهم من طيب الثناء بصدق الوعد ومضاء العزم وعظيم الفناء والجرأة إلى ما نالوه.
عند ربهم حال كونهم ﴿لم يمسسهم سوء﴾ أي من العدو خوفوه ولا غيره ﴿واتبعوا﴾ أي مع ذلك بطاعتهم لرسول الله ﷺ بغاية جهدهم ﴿رضوان الله﴾ أي الذي له الجلال والجمال فحازوا أعظم فضله ﴿والله﴾ أي الذي لا كفوء له ﴿ذو عظيم﴾ أي في الدارين على من يرضيه، فستنظرون فوق ما تؤملون، فليبشر المجيب ويغتم ويحزن المتخلف، ولعظم الأمر كرر الاسم الأعظم كثيراً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٨٤ ـ ١٨٥﴾
فصل
قال الفخر :
المراد بقوله :﴿الذين﴾ من تقدم ذكرهم، وهم الذين استجابوا لله والرسول، وفي المراد بقوله :﴿قَالَ لَهُمُ الناس﴾ وجوه : الأول : أن هذا القائل هو نعيم بن مسعود كما ذكرناه في سبب نزول هذه الآية، وإنما جاز إطلاق لفظ الناس على الإنسان الواحد، لأنه إذا قال الواحد قولا وله أتباع يقولون مثل قوله أو يرضون بقوله، حسن حينئذ إضافة ذلك الفعل إلى الكل، قال الله تعالى :﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فادرأتم فِيهَا﴾ [ البقرة : ٧٢ ] ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ ياموسى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى نَرَى الله جَهْرَةً ﴾ [ البقرة : ٥٥ ] وهم لم يفعلوا ذلك وإنما فعله أسلافهم، إلا أنه أضيف إليهم لمتابعتهم لهم على تصويبهم في تلك الأفعال فكذا ههنا يجوز أن يضاف القول إلى الجماعة الراضين بقول ذلك الواحد.