قوله تعالى ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر حكمة الإمداد وما تبعه من الآثار المثبتة للقلوب والأقدام، ذكر ما أمر به المدد من التثبيت بالقول والفعل فقال :﴿إذ﴾ بدلاً ثالثاً من ﴿إذ يعدكم﴾ أو ظرفاً ليثبت ﴿يوحي ربك﴾ أي المحسن إليك بجميع ذلك ﴿إلى الملائكة﴾ وبين أن النصر منه لا من المدد بقوله :﴿أني معكم﴾ أي ومن كنت معه كان ظافراً بجميع مأموله ﴿فثبتوا﴾ أي بسبب ذلك ﴿الذين آمنوا﴾ أي بأنواع التثبيت من تكثير سوادهم وتقوية قلوبهم وقتال أعدائهم وتقليلهم في أعينهم وتحقير شأنهم ؛ ثم بيّن المعية بقوله :﴿سألقي﴾ أي بوعد لا خلف فيه ﴿في قلوب الذين كفروا﴾ أي أوجدوا الكفر ﴿الرعب﴾ فلا يكون لهم ثبات ﴿فاضربوا﴾ أي أيها المؤمنون من الملائكة والبشر غير هائبين بسبب ذلك.
ولما كان ضرب العنق والراس أوحى مهلك للإنسان، وكان العنق يستر في الحرب غالباً، عبر بقوله :﴿فوق الأعناق﴾ أي الرؤوس أو أعالي الأعناق منهم لأنها مفاصل ومذابح.
ولما كان إفساد الأصابع أنكى ما يكون بعد ذلك لأنه يبطل قتال المضروب أو كمال قتاله، قال :﴿واضربوا منهم كل بنان﴾ أي فإنه لا مانع من ذلك لكوني معكم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ١٩٣ ـ ١٩٤﴾


الصفحة التالية
Icon