قوله تعالى :﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما قبح عليهم ما كانوا عليه من المخالفة في الوقوف بالنسبة إلى الضلال بالجملة الاسمية مؤكدة بأنواع التأكيد وكان ما مضى من ذكر الإفاضة ليس بقاطع في الوجوب أشار لهم إلى تعظيم ما هداهم له من الموافقة بأداة التراخي فقال عاطفاً على ما تقديره : فلا تفيضوا من المشعر الحرام الإفاضة التي كنتم تخالفون فيها الناس دالاً على تفاوت الإفاضتين وبعد ما بينهما على وجه معلم بالوجوب :﴿ثم﴾ أي بعد طول تلبسكم بالضلال أنزلت عليكم في هذا الذكر الحكيم الذي أبيتموه وهو عزكم وشرفكم لا ما ظننتم أنه شرف لكم بالتعظم على الناس بمخالفة الهدى في الوقوف بالمزدلفة والإفاضة منها ﴿أفيضوا﴾ أي إذا قضيتم الوقوف. وقال الحرالي : لما كان للخطاب ترتيب للأهم فالأهم كما كان للكيان ترتيب للأسبق فالأسبق كان حرف المهلة الذي هو ﴿ثم﴾، يقع تارة لترتيب الكيان وتارة لترتيب الإخبار فيقول القائل مثلاً : امش إلى حاجة كذا - تقديماً في الخبر الأهم - ثم ليكن خروجك من موضع كذا، فيكون السابق في الكيان متأخراً بالمهلة في الإخبار، فمن معنى ذلك قوله - انتهى. ثم أفيضوا أيها الحمس! ﴿من حيث أفاض الناس﴾ أي معظمهم وهو عرفات، إلى المشعر الحرام لتبيتوا به، وروى البخاري في التفسير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :" كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمعون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله سبحانه وتعالى ﴿ثم أفيضوا﴾ " الآية. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٧٨﴾
قال الفخر :