قوله تعالى ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين التوحيد والنبوة والقضاء والقدر، أتبعه المعاد لتكمل المطالب الأربعة التي هي أمهات مطالب القرآن، مبيناً ما اشتمل عليه هذا الكلام من تبلدهم في العمه وتلددهم في إشراك الشبه بقوله :﴿يسئلونك﴾ أي مكررين لذلك ﴿عن الساعة﴾ أي عن وقتها سؤال استهزاء ﴿أيان مرساها﴾ أي أيّ وقت ثبات ثقلها واستقراره، والمرسى يكون مصدراً وزماناً ومكاناً، من رست السفينة - إذا ثبتت بالحديدة المتشعبة، وإنما كان هذا بياناً لعمههم فإنهم وقعوا بذلك في الضلال من وجهين : السؤال عما غيره لهم أهم، وجعله على طريق الاستهزاء مع ما قام عليه من الأدلة، وسيكرره في هذه السورة، وكان اللائق بهم أن يجعلوا بدل السؤال عنها اتقاءها بالأعمال الصالحة.
ولما كان السؤال عن الساعة عاماً ثم خاصاً بالسؤال عن وقتها، جاء الجواب عموماً عنها بقوله :﴿قل إنما علمها﴾ أي علم وقت إرسائها وغيره ﴿عند ربي﴾ أي المحسن إليّ بإقامتها لينعم على تبعني وينتقم ممن تركني، لم يطلع على ذلك أحداً من خلقه، ولا يقيمها إلا في أحسن الأوقات وأنفعها لي، وإخفاؤها أنفع للخلق لأنه أعظم لشأنها وأهيب، فيكون أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية وأقرب إلى التوبة، ثم خصصت من حيث الوقت بقوله مشيراً إلى أن لها أشرطاً تتقدمها :﴿لا يجليها﴾ أي يبينها غاية البيان ﴿لوقتها إلا هو ﴾.