قوله تعالى ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (٤٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بطل هذا السبب الذي أمر به يوسف عليه الصلاة والسلام، وهو تذكير الشرابي به، أثار الله سبحانه سبباً ينفذ به ما أراد من رئاسته وقضى به من سجود من دلت عليه الكواكب فقال دالاً على ذلك :﴿وقال الملك﴾ وهو شخص قادر واسع المقدور إليه السياسه والتدبير، لملاه وهم السحرة والكهنة والحزرة والقافة والحكماء، وأكد ليعلم أنه محق في كلامه غير ممتحن :﴿إني أرى﴾ عبر بالمضارع حكاية للحال لشدة ما هاله من ذلك ﴿سبع بقرات سمان﴾ والسمن : زيادة البدن من اللحم والشحم ﴿يأكلهن سبع﴾ أي بقرات ﴿عجاف﴾ والعجف : يبس الهزال ﴿و﴾ إني أرى ﴿سبع ﴾.
ولما كان تأويل المنام الجدب والقحط والشدة، أضاف العدد إلى جمع القلة بخلاف ما كان في سياق المضاعفة في قوله ﴿أنبتت سبع سنابل﴾ [ البقرة : ٢٦١ ] فقال :﴿سنبلات خضر و﴾ إني أرى سبع سنبلات ﴿أخر يابسات﴾ التوت على الخضر فغلبت عليها، وكأنه حذف هذا لدلالة العجاف عليه ؛ والسنبلة : نبات كالقصبة حملة حبوب منتظمة، وكأنه قيل : فكان ماذا؟ فقيل : قال الملك :﴿ياأيها الملأ﴾ أي الأشراف النبلاء الذين تملأ العيون مناظرهم والقلوب مخابرهم ومآثرهم ﴿أفتوني﴾ أي أجيبوني وبينوا لي كرماً منكم بقوة وفهم ثاقب.


الصفحة التالية
Icon