قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر ما يحزن من السر لكونه اختصاصاً عن الجليس بالمقال فينشأ عنه ظن الكدر وتباعد القلوب، أتبعه الاختصاص بالمجلس الذي هو مباعدة الأجسام اللازم لها من الظن ما لزم من الاختصاص بالسر في الكلام فينشأ عنه الحزن، معلماً لهم بكمال رحمته وتمام رأفته بمراعاة حسن الأدب بينهم وإن كان من أمور العادة دون أحكام العبادة، فقال مخاطباً لأهل الدرجة الدنيا في الإيمان لأنهم المحتاجون لمثل هذا الأدب :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ حداهم بهذا الوصف على الامتثال ﴿إذا قيل لكم﴾ أي من أيّ قائل كان فإن الخير يرغب فيه لذاته :﴿تفسحوا﴾ أي توسعوا أي كلفوا أنفسكم في إيساع المواضع ﴿وفي المجلس﴾ أي الجلوس أو مكانه لأجل من يأتي فلا يجد مجلساً يجلس فيه، والمراد بالمجلس جنس المكان الذي هم ماكثون به بجلوس أو قيام في صلاة أو غيرها لأنه أهل لأن يجلس فيه.


الصفحة التالية
Icon