قوله تعالى ﴿ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (١٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان الإخبار بعدم عقلهم دعوى دل عليها بأمر مشاهد فقال :﴿كمثل﴾ أي قصتهم في عدم فقههم بل عقلهم الذي نشأ عنه إخراجهم هذا وما سببه من مكرهم وغدرهم واعتمادهم على ابن أبيّ ومن معه من المنافقين كمثل قصة ﴿الذين من قبلهم﴾ ولما كان إدخال الجار مع دلالته على عدم استغراق زمان القبل يدل على قرب الزمن، صرجح به فقال :﴿قريباً﴾ وهم كما قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ بنو قينقاع من أهل دينهم اليهود أظهروا بأساً شديداً عند ما قصدهم النبي ـ ﷺ ـ غزوة بدر فوعظهم وحذرهم بأس الله فقالوا : لا يغرنك يا محمد أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم، وأما والله لو قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس، ثم مكروا بامرأة من المسلمين فأرادوها على كشف وجهها فأبت فعقدوا طرف ثوبها من تحت خمارها، فما قامت انكشفت سوأتها فصاحت فغار لها شخص من الصحابة ـ رضى الله عنه ـ م، فقتل اليهودي الذي عقد ثوبها فقتلوه، فانتقض عهدهم، فأنزل النبي ـ ﷺ ـ بساحتهم جنود الله فأذلهم الله ونزلوا من حصنهم على حكمه ـ ﷺ ـ وقد كانوا حلفاء ابن أبيّ، ولم يغن عنهم شيئاً غير أنه سأل النبي ـ ﷺ ـ في أن لا يقتلهم وألح عليه حتى كف عن قتلهم فذهبوا عن المدينة الشريفة بأنفسهم من غير حشر لهم بالإلزام بالجلاء.


الصفحة التالية
Icon