قوله تعالى ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣) ﴾
فصل
قال البقاعى :
﴿ويقول الذين آمنوا﴾ من رفعه عطفه على معنى ﴿نادمين﴾ فإن أصله : يندمون، ولكنه عبر بالاسم إعلاماً بدوام ندمهم بشارة بدوام الظهور لهذا الدين على كل دين، أو على ﴿يقولون نخشى﴾، ومن أسقط الواو جعله حالاً، ومن نصبه جاز أن يعطفه على " يصبحوا " أي يكون ذلك سبباً لتحقق المؤمنين أمر المنافقين بالمسارعة في أهل الكتاب عند قيامهم سروراً بهم والندم عند خذلانهم ومحقهم، فيقول بعض المؤمنين لبعض تعجباً من حالهم واغتباطاً بما من الله عليهم به من التوفيق في الإخلاص مشيرين إلى المنافقين تنبيهاً وإنكاراً :﴿أهؤلاء﴾ أي الحقيرون ﴿الذين أقسموا بالله﴾ أي وهو الملك الأعظم ﴿جهد أيمانهم﴾ أي مبالغين في ذلك اجتراء على عظمته ﴿إنهم لمعكم﴾ أيها المؤمنون! ويجوز أن يكون هذا القول من المؤمنين لليهود في حق المنافقين حيث قاسموهم على النصرة ؛ ثم ابتدأ جواباً من بقية كلام المؤمنين أو من كلام الله لمن كأنه قال : فماذا يكون حالهم؟ فقال :﴿حبطت﴾ أي فسدت فسقطت ﴿أعمالهم فأصبحوا﴾ أي فتسبب عن ذلك أنهم صاروا ﴿خاسرين﴾ أي دائمي الخسارة بتعبهم في الدنيا بالأعمال وخيبة الآمال، وجنايتهم في الآخرة الوبال، وعبر بالإصباح لأنه لا أقبح من مصابحة السوء لما في ذلك من البغتة بخلاف ما ينتظر ويؤمل. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٨٢﴾
فصل
قال الفخر :
الفائدة في أن المؤمنين يقولون هذا القول هو أنهم يتعجبون من حال المنافقين عندما أظهروا الميل إلى موالاة اليهود والنصارى، وقالوا : إنهم يقسمون بالله جهد أيمانهم أنهم معنا ومن أنصارنا، فالآن كيف صاروا موالين لأعدائنا محبين للاختلاط بهم والاعتضاد بهم ؟. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٦ ـ ١٧﴾
فائدة
قال الفخر :