قوله تعالى ﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
فلما تقرر أنه هو الذي بدأ الخلق، تقرر بذلك أنه قادر على إعادته فقال :﴿إليه﴾ أي خاصة ﴿مرجعكم﴾ أي رجوعكم وموضع رجوعكم ووقته حال كونكم ﴿جميعاً﴾ لا يتخلف منكم أحد، تقدم وعده لكم بذلك ﴿وعد الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿حقاً﴾ فهو تعليل لعبادته لوحدانيته، فيحيون بعد الموت ويحشرون إلى موضع جزاء الله تعالى لهم زمانه الذي قدره له، ويرفع ما كان لهم من المكنة في الدنيا، فعلم قطعاً أنه لا بد من الرسول، فاستعدوا للقاء هذا الملك الأعظم بكل ما أمركم به الرسول ـ ﷺ ـ ؛ ثم أوضح التنبيه على قدرته مضمناً له بيان حكمته فقال معللاً لوجوب المرجع إليه مؤكداً عداً لهم في عداد المنكر للابتداء لأجل إنكارهم ما يلزم عنه من تمام القدرة على البعث وغيره :﴿إنه يبدأ الخلق﴾ أي ينشئه النشأة الأولى، له هذه الصفة متجددة التعلق على سبيل الاستمرار ﴿ثم يعيده﴾ ليقيم العدل في خلقه بأن ينجز لمن عبده، وعده بأن يعزه ويذل عدوه وذلك معنى قوله :﴿ليجزي ﴾.