قوله تعالى ﴿ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿وما﴾ أي ويقولون : ما، أي أيّ شيء حصل أو يحصل ﴿لنا﴾ حال كوننا ﴿لا نؤمن بالله﴾ أي الذي لا كفوء له ولا خير إلا منه ﴿وما﴾ أي وبما ﴿جاءنا من الحق﴾ أي الأمر الثابت الذي مهما عرض على الواقع طابقه الواقع سواء كان حالاً أو ماضياً أو آتياً.
ولما كانوا يهضمون أنفسهم، عبروا بالطمع الذي لا نظر معه لعمل فقالوا :﴿ونطمع أن يدخلنا ربنا﴾ أي بمجرد إحسانه، لا بعمل منا، ولجريهم في هذا المضمار عبروا بمع دون " في " قولهم :﴿مع القوم الصالحين﴾ هضماً لأنفسهم وتعظيماً لرتبة الصلاح. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٢٣ ـ ٥٢٤﴾

فصل


قال الفخر :
قال صاحب "الكشاف" محل ﴿لاَ نُؤْمِنُ﴾ النصب على الحال بمعنى غير مؤمنين، كقولك قائماً، والواو في قوله ﴿وَنَطْمَعُ﴾ واو الحال.
فإن قيل : فما العامل في الحال الأولى والثانية.
قلنا : العامل في الأولى ما في اللام من معنى الفعل، كأنه قيل : أي شيء حصل لنا حال كوننا غير مؤمنين، وفي الثاني معنى هذا الفعل ولكن مقيداً بالحال الأولى، لأنك لو أزلته وقلت : وما لنا نطمع لم يكن كلاماً، ويجوز أن يكون ﴿وَنَطْمَعُ﴾ حالاً من ﴿لاَ نُؤْمِنُ﴾ على أنهم أنكروا على أنفسهم أنهم لا يوحدون الله ويطمعون مع ذلك أن يصحبوا الصالحين، وأن يكون معطوفاً على قوله ﴿لاَ نُؤْمِنُ﴾ على معنى : وما لنا نجمع بين التثليث وبين الطمع في صحبة الصالحين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٥٨﴾


الصفحة التالية
Icon