قوله تعالى ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان من رجوع الأمور إليه هدايته من يشاء وإضلاله من يشاء قال - مادحاً لهذه الأمة ليمعنوا في رضاه حمداً وشكراً ومؤيساً لأهل الكتاب عن إضلالهم ليزدادوا حيرة وسكراً :﴿كنتم خير أمة﴾ أي وجدتم على هذا الوصف الثابت لكم جبلة وطبعاً.
ثم وصف الأمة بما يدل على عموم الرسالة وأنهم سيقهرون أهل الكتاب فقال :﴿أخرجت للناس﴾ ثم بين وجه الخيرية بما لم يحصل مجموعة لغيرهم على ما هم عليه من المكنة بقوله :﴿تأمرون﴾ أي على سبيل التجدد والاستمرار ﴿بالمعروف﴾ أي كل ما عرفه الشرع وأجازه ﴿وتنهون عن المنكر﴾ وهو ما خالف ذلك، ولو وصل الأمر إلى القتال، مبشراً لهم بأنه قضى في ألأزل أنهم يمتثلون ما أمرهم به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله :﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير﴾ إراحة لهم من كلفة النظر في أنهم هل يمتثلون فيفلحوا، وإزاحة لحملهم أعباء الخطر بكونهم يعانون عليه ليفوزوا ويربحوا، فصارت فائدة الأمر كثيرة الثواب بقصد امتثال الواجب، وللترمذي - وقال : حسن عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه يقول في هذه الآية :" أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله سبحانه وتعالى " وللبخاري في التفسير عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :" أنتم خير الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام ".


الصفحة التالية
Icon