قوله تعالى ﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان قد نفي عن الأجرام السماوية ما ربما يضل به الخصم قال :﴿فلما رأى﴾ أي بعينه ﴿الشمس بازغة﴾ أي عند طلوع النهار وإشراق النور الذي ادعوا فيه ما ادعوا ﴿قال﴾ مبيناً لقصور ما هو أكبر من النور وهو ما عنه النور ﴿هذا﴾ مذكراً إشارتَه لوجود المسوغ، وهو تذكير الخبر إظهاراً لتعظيمها إبعاداً عن التهمة، وتنبيهاً من أول الأمر على أن المؤنث لا يصلح للربوبية ﴿ربي﴾ كما قال فيما مضى ؛ ثم علل ذلك بياناً للوجه الذي فارق فيه ما مضى فأورث شبهة، فقال :﴿هذا أكبر﴾ أي مما تقدم ﴿فلما أفلت﴾ أي غربت فخفي ظهورها وغلب نورها وهزمه جيش الظلام بقدرة الملك العلام ﴿قال يا قوم﴾ فصرح بأن الكلام لهم أجمعين، ونادى على رؤوس الأشهاد.
ولما كانت القلوب قد فرغت بما ألقي من هذا الكلام المعجب للحجة، وتهيأت لقبول الحق، ختم الآية بقوله :﴿إني بريء مما تشركون﴾ أي من هذا وغيره من باب الأولى، فصرح بالمقصود لأنه لم يبق في المحسوس من العالم العلوي كوكب أكبر من الشمس ولا أنور. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٦٠﴾
فائدة
قال الفخر :
إنما قال في الشمس هذا مع أنها مؤنثة، ولم يقل هذه لوجوه : أحدها : أن الشمس بمعنى الضياء والنور، فحمل اللفظ على التأويل فذكر.
وثانيها : أن الشمس لم يحصل فيها علامة التأنيث، فلما أشبه لفظها لفظ المذكر وكان تأويلها تأويل النور صلح التذكير من هاتين الجهتين، وثالثها : أراد هذا الطالع أو هذا الذي أراه، ورابعها : المقصود منه رعاية الأدب، وهو ترك التأنيث عند ذكر اللفظ الدال على الربوبية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٧﴾