قوله تعالى ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ثم عطف على ذلك قوله :﴿ولا على الذين إذا﴾ وأكد المعنى بقوله :﴿ما أتوك﴾ أي ولم يأتوا بغير قصدك راغبين في الجهاد معك ﴿لتحملهم﴾ وهم لا يجدون محملاً ﴿قلت﴾ أي أتوك قائلاً أو حال قولك، " وقد " مضمرة كما قالوا في ﴿حصرت صدورهم﴾ [ النساء : ٩٠ ] ﴿لا أجد ما﴾ أي شيئاً ﴿أحملكم عليه﴾ وأجاب ﴿إذا﴾ بقوله ويجوز أن يكون استئنافاً و " قلت " هو الجواب ﴿تولوا﴾ أي عن سماع هذا القول منك ﴿وأعينهم تفيض﴾ أي تمتلىء فتسيل، وإسناد الفيض إليها أبلغ من حيث أنها جعلت كلها دمعاً : ثم بين الفائض بقوله :﴿من الدمع﴾ أي دمعاً والأصل : يفيض دمعها، ثم علل فيضها بقوله ؛ ﴿حزناً﴾ ثم علل حزنهم بقوله :﴿ألا يجدوا﴾ أي لعدم وجدانهم ﴿ما ينفقون﴾ فحزنهم في الحقيقة على فوات مرافقتك والكون في حزبك، وهذه قصة الكبائين صرح بها وإن كانوا داخلين في ﴿الذين لا يجدون﴾ إظهاراً لشرفهم وتقريراً لأن الناصح - وإن اجتهد - لا غنى له عن العفو حيث بين أنهم - مع اجتهادهم في تحصيل الأسباب وتحسرهم عند فواتها بما أفاض أعينهم - ممن لا سبيل عليه أو ممن لا حرج عليه المغفور له. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٧٤ ـ ٣٧٥﴾