قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٢٤٣)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال الفخر :
اعلم أن عادته تعالى في القرآن أن يذكر بعد بيان الأحكام القصص ليفيد الاعتبار للسامع، ويحمله ذلك الاعتبار على ترك التمرد والعناد، ومزيد الخضوع والانقياد فقال :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن ديارهم﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ١٣٧﴾
وقال ابن عاشور :
قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ﴾
استئناف ابتدائي للتحريض على الجهاد والتذكير بأن الحذر لا يؤخر الأجل، وأن الجبان قد يلقى حتفه في مظنة النجاة.
وقد تقدم أن هذه السورة نزلت في مدة صلح الحديبية وأنها تمهيد لفتح مكة، فالقتال من أهم أغراضها، والمقصود من هذا الكلام هو قوله :﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾ الآية.
فالكلام رجوع إلى قوله :﴿كتب عليكم القتال وهو كره لكم﴾ [ البقرة : ٢١٦ ] وفصلت بين الكلامين الآيات النازلة خلالهما المفتتحة بـ ﴿يسألونك﴾ [ البقرة : ٢١٧، ٢١٩، ٢٢٠، ٢٢٢ ].