قوله تعالى ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (٩٠) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما انقضى جواب الفصل المبني على إبطال الفضل وإظهار العدل، ذكر سبحانه قولهم بعده عاطفاً له على ما مضى من قولهم أو قوله، كان الأصل أن يقال : وقالوا، ولكنه أظهر الوصف بالشرف إشارة إلى أنه الذي حملهم على نتيجة الاستكبار وهي الكفر، ثم لم يرضوا به حتى أضافوا إليه تكفير غيرهم فقال :﴿وقال الملأ﴾ أي الأكابر ﴿الذين﴾ يملؤون العيون مرأى والقلوب مهابة، فحلمهم التكبر على أنهم ﴿كفروا ﴾.
ولما كان من المستبعد أن يكون أقاربه يتنكبون عما أتاهم به من الخير لحسد أو اتهام أو غيرها، فكان ربما ظن أن هؤلاء الذين يعاملونه بهذه الغلطة أجانب عنه، قال :﴿من قومه﴾ بياناً لأن الفضل بيد الله فقد يؤتيه البغيض البعيد ويمنعه الحبيب القريب ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾ [ القصص : ٥٦ ]، ووطؤوا للقسم بقولهم :﴿لئن اتبعتم﴾ أي أيها الأتباع ممن لم يؤمن بعد ﴿شعيباً﴾ أو تركتم ما أنتم عليه مما أورثه لكم آباؤكم ؛ واجاب القسم بما سد عن جواب الشرط بقوله :﴿إنكم إذاً﴾ أي وقت اتباعه ﴿لخاسرون﴾ أي لأنكم استبدلتم بدين الآباء غيره وحرمتم فوائد البخس والتطفيف وقط السبل. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٧١﴾

فصل


قال الفخر :
﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ﴾
اعلم أنه تعالى بين عظم ضلالتهم بتكذيب شعيب ثم بين أنهم لم يقتصروا على ذلك، حتى أضلوا غيرهم، ولاموهم على متابعته فقالوا :﴿لَئِنِ اتبعتم شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذاً لخاسرون﴾ واختلفوا فقال بعضهم : خاسرون في الدين وقال آخرون : خاسرون في الدنيا، لأنه يمنعكم من أخذ الزيادة من أموال الناس، وعند هذا المقال كمل حالهم في الضلال أولاً وفي الإضلال ثانياً، فاستحقوا الإهلاك فلهذا قال تعالى :﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٤٨﴾


الصفحة التالية
Icon