قوله تعالى ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ختم هذه الآيات - التي الإذن للمظلومين في القتال للظالمين - بصفة الحلم، فكان ذلك مخيلة لوجوب العفو عن حقوق العباد كما في شريعة عيسى عليه الصلاة والسلام، نفى ذلك بقوله إذناً للمجهارين فيمن أخرجهم من ديارهم أن يخرجوه من دياره ويذيقوه بعض ما توعده الله به من العذاب المهين :﴿ذلك﴾ أي الأمر المقرر من صفة الله تعالى ذلك ﴿ومن عاقب﴾ من العباد بأن أصاب خصمه، لمصيبة يرجو فيها العاقبة ﴿بمثل ما عوقب﴾ أي عولج علاج من يطلب حسن العاقبة ﴿به﴾ من أي معاقب كان فلم يتجاوز إلى ظلم ﴿ثم بغي﴾ أي من أيّ باغ كان ﴿عليه﴾ بالعود إلى خصومته لأخذه حقه.
ولما كان ما يحصل للمبغي عليه بالكسر عوداً على بدء من الذل والهوان مبعداً لأن ينجبر، أكد وعده فقال :﴿لينصرنه الله﴾ أي الذي لا كفوء له.


الصفحة التالية