قوله تعالى ﴿ وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
فلما تظاهرت الأدلة وتظافرت الحجج وهم عنها ناكبون، وصل بذلك في جملة حالية قولَه، معرضاً عنهم إيذاناً باستحقاقهم شديد الغضب :﴿وما تأتيهم﴾ أي هؤلاء الذين هم أهل للإعراض عنهم، وأعرق في النفي بقوله :﴿من آية﴾ أي علامة على صحة ما دعاهم إليه رسولهم ﷺ، وبعض بقوله :﴿من آيات ربهم﴾ أي المحسن إليهم بنصب الأدلة وإفاضة العقول وبعث الرسول ﴿إلاّ كانوا عنها معرضين﴾ أي هذه صفتهم دائماً قصداً للعناد لئلا يلزمهم الحجة، ويجوز أن يكون ذلك معطوفاً على " يعدلون ". أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٨٨ ـ ٥٨٩﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما تكلم، أولاً : في التوحيد، وثانياً : في المعاد، وثالثاً : فيما يقرر هذين المطلوبين ذكر بعده ما يتعلق بتقرير النبوة وبدأ فيه بأن بين كون هؤلاء الكفار معرضين عن تأمل الدلائل، غير ملتفتين إليها وهذه الآية تدل على أن التقليد باطل.
والتأمل في الدلائل واجب.
ولولا ذلك لما ذم الله المعرضين عن الدلائل.
قال الواحدي رحمه الله : من في قوله ﴿مّنْ ءَايَةٍ﴾ لاستغراق الجنس الذي يقع في النفي كقولك ما أتاني من أحد والثانية وهي قوله ﴿مّنْ ءايات ربهم﴾ للتبعيض والمعنى وما يظهر لهم دليل قط من الأدلة التي يجب فيها النظر والاعتبار إلا كانوا عنه معرضين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٣٠﴾
وقال السمرقندى :
﴿ وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايات رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾ ولم يتفكروا فيها ليعتبروا في توحيد الله تعالى.
وذلك أن مشركي مكة سألوا رسول الله ﷺ أن يريهم علامة.
وقالوا : إنا نريد أن تدعو لينشق القمر نصفين لنؤمن بك، وبربك، ونصدقك.


الصفحة التالية
Icon