فدعا رسول الله ﷺ، فانشق القمر شقين، وذهب أحد النصفين إلى جانب حراء، والآخر إلى جانب آخر وهم ينظرون إليه.
وقال ابن مسعود : أنا رأيت حراء بين فلقتي القمر.
فأعرضوا عنه فلم يؤمنوا.
وقالوا : هذا سحر مبين.
فنزلت ﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر وَإِن يَرَوْاْ ءَايَةً يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ ﴾ [ القمر : ١، ٢ ] ونزلت هذه الآية :﴿ وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايات رَبّهِمْ ﴾ يعني : انشقاق القمر ﴿ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ ﴾ أي علامة كانشقاق القمر ونحوها.
و"مِنْ" لاستغراق الجنس ؛ تقول : ما في الدار من أحد.
﴿ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ ﴾ "مِنْ" الثانية للتبعيض.
و﴿ مُعْرِضِينَ ﴾ خبر "كَانُوا".
والإعراض ترك النظر في الآيات التي يجب أن يستدلوا بها على توحيد الله جل وعز من خلق السموات والأرض وما بينهما، وأنه يرجع إلى قديم حي غنيّ عن جميع الأشياء، قادر لا يعجزه شيء، عالم لا يخفى عليه شيء من المعجزات التي أقامها لنبيه ﷺ ؛ ليُستَدلّ بها على صدقه في جميع ما أتى به. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وما تأتيهم من آية من ربهم إلا كانوا عنها معرضين ﴾
﴿ من ﴾ الأولى زائدة لاستغراق الجنس، ومعنى الزيادة فيها أن ما بعدها معمول لما قبلها فاعل بقوله ﴿ تأتيهم ﴾ فإذا كانت النكرة بعدها مما لا يستعمل إلا في النفي العام، كانت ﴿ من ﴾ لتأكيد الاستغراق نحو ما في الدار من أحد، وإذا كانت مما يجوز أن يراد بها الاستغراق، ويجوز أن يراد بها نفي الوحدة أو نفي الكمال كانت ﴿ من ﴾ دالة على الاستغراق نحو ما قام من رجل، و﴿ من ﴾ الثانية للتبعيض.


الصفحة التالية
Icon