قوله تعالى ﴿ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما صح قوله في كون هذا خبراً عظيماً، وخطباً جسيماً، حصل التشوق إلى جوابه فقيل :﴿قال﴾ أي سليمان عليه السلام للهدهد :﴿سننظر﴾ أي نختبر ما قلته ﴿أصدقت﴾ أي فيه فنعذرك.
ولما كان الكذب بين يديه - لما أوتيه من العظمة بالنبوة والملك الذي لم يكن لأحد بعده - يدل على رسوخ القدم فيه، قال :﴿أم كنت﴾ أي كوناً هو كالجبلة ﴿من الكاذبين﴾ أي معروفاً بالانخراط في سلكهم، فإنه لا يجترىء على الكذب عندي إلا من كان عريقاً في الكذب دون " أم كذبت " لأن هذا يصدق بمرة واحدة.
ثم شرع فيما يختبره به، فكتب له كتاباً على الفور في غاية الوجازة قصداً للإسراع في إزالة المنكر على تقدير صدق الهدهد بحسب الاستطاعة، ودل على إسراعه في كتابته بقوله جواباً له :﴿اذهب بكتابي هذا﴾ قول من كان مهيئاً عنده ودفعه إليه.


الصفحة التالية
Icon