قوله تعالى ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما عم بالحشر المستكبرين وغيرهم جاء التفصيل إلى القسمين فقال :﴿فأما الذين آمنوا﴾ أي أذعنوا الله تعالى وخضعوا له ﴿وعملوا الصالحات﴾ تصديقاً لإقرارهم بالإيمان ﴿فيوفيهم أجورهم﴾ أي التي جرت العادات بينكم أن يُعطَوها وإن كانوا في الحقيقة لا يستحقونها، لأن الله تعالى هو الذي وفقهم لها، فهي فضل منه عليهم ﴿ويزيدهم﴾ أي بعد ما قضيت به العادات ﴿من فضله﴾ أي شيئاً لا يدخل تحت الحصر لأنه ذو الفضل العظيم ﴿وأما الذين استنكفوا واستكبروا﴾ أي طلبوا كلاً من الإباء والكبر ﴿فيعذبهم عذاباً أليماً﴾ أي بما وجدوا من لذاذة الترفع والكبر، وآلموا بذلك أولياء الله ﴿ولا يجدون لهم﴾ أي حالاً ولا مآلاً ﴿من دون الله﴾ الذي لا أمر لأحد معه ﴿ولياً﴾ أي قريباً يصنع معهم ما يصنع القريب ﴿ولا نصيراً﴾ أي وإن كان بعيداً، وفي هذا أتم زاجر عما قصده المنافقون من موالاة أهل الكتاب، وأعظم نافٍ لما منّوهم إياه مما لهم وزعموا من المنزلة عند الله، المقتضية أن يقربوا من شاؤوا، ويبعدوا من شاؤوا، وهو من أنسب الأشياء لختام أول الآيات المحذرة منهم ﴿وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً﴾ [ النساء : ٤٥ ]. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٧٩﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما ذكر أنه يحشر هؤلاء المستنكفين المستكبرين لم يذكر ما يفعل بهم بل ذكر أولاً ثواب المؤمنين المطيعين.
فقال :﴿فَأَمَّا الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مّن فَضْلِهِ﴾ ثم ذكر آخراً عقاب المستنكفين المستكبرين.


الصفحة التالية
Icon