فقال :﴿وَأَمَّا الذين استنكفوا واستكبروا فَيُعَذّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مّن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً﴾ والمعنى ظاهر لا إشكال فيه، وإنما قدم ثواب المؤمنين على عقاب المستنكفين لأنهم إذا رأوا أولاً ثواب المطيعين ثم شاهدوا بعده عقاب أنفسهم كان ذلك أعظم في الحسرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٩٥﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ﴾ أي لا يبخس أحداً قليلاً ولا كثيراً، والزيادة يحتمل أن يكون في أن الحسنة بعشر إلى سبعمائة، والتضعيف الذي ليس بمحصور في قوله :﴿ والله يضاعف لمن يشاء ﴾ قال معناه ابن عطية رحمه الله تعالى.
﴿ وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً ﴾ هذا وعيد شديد للذين يتركون عبادة الله أنفة تكبراً.
وقال ابن عطية : وهذا الاستنكاف إنما يكون من الكفار عن اتباع الأنبياء وما جرى مجراه كفعل حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر وأبي جهل وغيرهم بالرسول، فإذا فرضت أحداً من البشر عرف الله فمحال أن تجده يكفر به تكبراً عليه، والعناد إنما يسوق إليه الاستكبار على البشر، ومع تفاوت المنازل في ظن المستكبر انتهى.
وقدّم ذكر ثواب المؤمن لأنّ الإحسان إليه مما يعم المستنكف إذا كان داخلاً في جملة التنكيل به، فكأنه قيل : ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيعذب بالحشر إذا رأى أجور العاملين، وبما يصيبه من عذاب الله تعالى. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وضمير ﴿ ولا يجدون ﴾ عائد إلى ﴿ الَّذين استنكفوا واستكبروا ﴾، أي لا يجدون وليّاً حين يحشر الله النّاس جميعاً.