قوله تعالى ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿فمن﴾ أي فهو سبب لأن يقال : من ﴿أظلم ممن افترى﴾ أي تعمد ﴿على الله﴾ أي الذي حاز جميع العظمة ﴿كذباً﴾ أي أيّ كذب كان، وكان الأصل : مني، على تقدير أن لا يكون هذا القرآن من عند الله كما زعمتم، ولكنه وضع هذا الظاهر مكانه تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف ﴿أو كذب بآياته﴾ كما فعلتم أنتم، وذلك من أعظم الكذب.
ولما كان التقدير : لا أحد أظلم منه فهو لا يفلح لأنه مجرم، علله بقوله مؤكداً لأجل إنكارهم :﴿إنه لا يفلح﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿المجرمون﴾ فد وضح أن المقصود نفي الكذب عن نفسه ـ ﷺ ـ وإلحاق الوعيد حيث كذبوا بالآيات بعد ثبوت أنها من عند الله والإعلام بأنه لا أحد أظلم منهم لأنهم كذبوا على الله في كل ما ينسبونه إليه مما نهى عنه وكذبوا بآياته، والإتيان بالغير قد يكون مع وجود الأول والتبديل لا يكون إلاّ برفع الأول ووضع غيره مكانه ؛ والتلقاء : جهة مقابلة الشيء، أتبعه بمجيئه بعده ؛ والمشيئة خاصة تكون سبباً مؤدياً إلى وقوع الشيء، ومرتباً له على وجه قد يمكن أن يقع خلافه، والإرادة نظيرها ؛ والعقل : العلم الغريزي الذي يمكن به الاستدلال بالشاهد على الغائب. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ١٢٦﴾


الصفحة التالية
Icon