فصل


قال الفخر :
﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ ﴾
واعلم أن تعلق هذه الآية بما قبلها ظاهر، وذلك لأنهم التمسوا منه قرآناً يذكره من عند نفسه، ونسبوه إلى أنه إنما يأتي بهذا القرآن من عند نفسه، ثم إنه أقام البرهان القاهر الظاهر على أن ذلك باطل، وأن هذا القرآن ليس إلا بوحي الله تعالى وتنزيله، فعند هذا قال :﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِبًا﴾ والمراد أن هذا القرآن لو لم يكن من عند الله، لما كان في الدنيا أحد أظلم على نفسه مني، حيث افتريته على الله، ولما أقمت الدلالة على أنه ليس الأمر كذلك، بل هو بوحي من الله تعالى وجب أن يقال إنه ليس في الدنيا أحد أجهل ولا أظلم على نفسه منكم، لأنه لما ظهر بالبرهان المذكور كونه من عند الله، فإذا أنكرتموه كنتم قد كذبتم بآيات الله.
فوجب أن تكونوا أظلم الناس.
والحاصل أن قوله :﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً﴾ المقصود منه نفي الكذب عن نفسه وقوله :﴿أوكذَّب بآياته﴾ المقصود منه إلحاق الوعيد الشديد بهم حيث أنكروا دلائل الله، وكذبوا بآيات الله تعالى.
وأما قوله :﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ المجرمون﴾ فهو تأكيد لما سبق من هذين الكلامين، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ٤٨﴾


الصفحة التالية
Icon