قوله تعالى ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) الواحد القهار ( الرحمن ) الذي عمت نعمة إيجاده وبيانه الأبرار والفجار ( الرحيم ) الذي خص أهل وداده بما أسعدهم في دار القرار.
لما ختمت سورة عبس بوعيد الكفرة الفجرة بيوم الصاخة لجحودهم بما لهذا القرآن من التذكرة، ابتدئت هذه بإتمام ذلك، فصور ذلك اليوم بما يكون فيه من الأمور الهائلة من عالم الملك والملكوت حتى كأنه رأى عين كما رواه الإمام أحمد والترمذي والطبراني وغيرهم عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ عن النبي ـ ﷺ ـ برجال ثقات أن النبي ـ ﷺ ـ قال :" من أحب أن ينظر إلى يوم القيامة رأي العين فليقرأ ﴿إذا الشمس كورت﴾ " [ التكوير : ١ ] فقال بادئاً بعالم الملك والشهادة لأنه أقرب تصوراً لما يغلب على الإنسان من الوقوف مع المحسوسات، معلماً بأنه سيخرب تزهيداً في كل ما يجر إليه وحثاً على عدم المبالاة والابتعاد من التعلق بشيء من أسبابه :﴿إذا الشمس﴾ أي التي هي أعظم آيات السماء الظاهرة وأوضحها للحس.


الصفحة التالية
Icon