قوله تعالى ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر عن سعة علمه دل عليه بسعة ملكه المستلزم لسعة قدرته ليدل ذلك على جميع الكمال لأنه قد ثبت كما قال الأصبهاني إن الصفات التي هي كمالات حقيقة ليست إلا القدرة والعلم المحيط فقال واعداً للمطيع متوعداً للعاصي مصرحاً بأن أفعال العباد وغيرها مخلوق له :- وقال الحرالي : ولما كان أول السورة إظهار كتاب التقدير في الذكر الأول كان ختمها إبداء أثر ذلك الكتاب الأول في الأعمال والجزاء التي هي الغاية في ابتداء أمر التقدير فوقع الختم بأنه سلب الخلق ما في أيديهم مما أبدوه وما أخفوه من أهل السماوات والأرض ؛ انتهى - فقال :﴿لله﴾ أي الملك الأعظم.
ولما كانت ما ترد لمن يغفل وكان أغلب الموجودات والجمادات عبر بها فقال :﴿ما في السماوات﴾ أي كله على علوها واتساعها من ملك وغيره ﴿وما في الأرض﴾ مما تنفقونه وغيره من عاقل وغيره،
يأمر فيهما ومنهما بما يشاء وينهى عما يشاء ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء ويضاعف لمن يشاء.
ولما كان التقدير : فهو يعلم جميع ما فيهما من كتمانكم وغيره ويتصرف فيه بما يريد،
عطف عليه محذراً من يكتم الشهادة أو يضمر سوءاً غيرها أو يظهره قوله تعالى :﴿وإن تبدوا﴾ أي تظهروا ﴿ما في أنفسكم﴾ من شهادة أو غيرها ﴿أو تخفوه﴾ مما وطنتموه في النفس وعزمتم عليه وليس هو من الخواطر التي كرهتموها ولم تعزموا عليها.