قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠)﴾
مناسبة الآيتين لما قبلهما
قال البقاعى :
ولما كان غالب ما مضى مبنياً على الأموال تارة بالإرث، وتارة بالجعل في النكاح، حلالاً أو حراماً ؛ قال تعالى - إنتاجاً مما مضى بعد أن بين الحق من الباطل وبين ضعف هذا النوع كله، فبطل تعليلهم لمنع النساء والصغار من الإرث بالضعف، وبعد أن بين كيفية الترصف في أمر النكاح بالأموال وغيرها حفظاً للأنساب، ذاكراً كيفية التصرف في الأموال، تطهيراً للإنسان، مخاطباً لأدنى الأسنان في الإيمان، ترفيعاً لغيرهم عن مثل هذا الشأن :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان والتزام الأحكام.
ولما كان الأكل أعظم المقاصد بالمال، وكان العرب يرون التهافت على الأكل أعظم العار وإن كان حلالاً ؛ كنى به التناول فقال :﴿لا تأكلوا﴾ أي تتناولو ﴿أموالكم﴾ أي الأموال التي جعلها الله قياماً للناس ﴿بينكم بالباطل﴾ أي من التسبب فيها بأخذ نصيب النساء والصغار من الإرث، وبعضل بعض النساء وغير ذلك مما تقدم النهي عنه وغيره.