قوله تعالى ﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر قولهم الدال على حسن اعتقادهم وجميل استعدادهم، ذكر جزاءهم عليه فقال :﴿فأثابهم الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿بما قالوا﴾ أي جعل ثوابهم على هذا القول المستند إلى خلوص النية الناشئ عن حسن الطوية ﴿جنات تجري﴾ ولما كان الماء لو استغرق المكان أفسد، أثبت الجار فقال :﴿من تحتها الأنهار﴾ ولما كانت اللذة لا تكمل إلا بالدوام قال :﴿خالدين فيها ﴾.
ولما كان التقدير : لإحسانهم، طرد الأمر في غيرهم فقال :﴿وذلك﴾ أي الجزاء العظيم ﴿جزاء المحسنين﴾ أي كلهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٢٤﴾

فصل


قال الفخر :
ظاهر الآية يدل على أنهم إنما استحقوا ذلك الثواب بمجرد القول لأنه تعالى قال :﴿فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ﴾ وذلك غير ممكن لأن مجرد القول لا يفيد الثواب.
وأجابوا عنه من وجهين : الأول : أنه قد سبق من وصفهم ما يدل على إخلاصهم فيما قالوا، وهو المعرفة، وذلك هو قوله ﴿مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾ [ المائدة : ٨٣ ] فلما حصلت المعرفة والإخلاص وكمال الانقياد ثم انضاف إليه القول لا جرم كمل الإيمان.
الثاني : روى عطاء عن ابن عباس أنه قال قوله ﴿بِمَا قَالُواْ﴾ يريد بما سألوا، يعني قولهم ﴿فاكتبنا مَعَ الشاهدين﴾ [ المائدة : ٨٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٥٨﴾


الصفحة التالية