قوله تعالى ﴿ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان التقدير : ذرهم لتعرض عنهم قلوب الذين يؤمنون بالآخرة وليسخطوه، وليعلموا ما هم له مبصرون وبه عارفون، فترفع بذلك درجاتهم، عطف عليه قوله :﴿ولتصغى﴾ أي تميل ميلاً قوياً تعرض به ﴿إليه﴾ أي كذبهم وما في حيزه ﴿أفئدة﴾ أي قلوب ﴿الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ أي ليس في طبعهم الإيمان بها لأنها غيب، وهم لبلادتهم واقفون مع الوهم، ولذلك استولت عليهم الدنيا التي هي أصل الغرور ﴿وليرضوه﴾ أي بما تمكن من ميلهم إليه ﴿وليقترفوا﴾ أي يفعلوا بجهدهم ﴿ما هم مقترفون﴾ وهذه الجمل - كما نبه عليه أبو حيان - على غاية الفصاحة، لأنه أولاً يكون الخداع فيكون الميل فيكون الرضى فيكون فعل الاقتراف، فكأن كل واحد مسبب عما قبله. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٩٧ ـ ٦٩٨﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن الصغو في اللغة معناه : الميل.
يقال في المستمع إذا مال بحاسته إلى ناحية الصوت أنه يصغي، ويقال : أصغى الإناء إذا أماله حتى انصب بعضه في البعض، ويقال للقمر إذا مال إلى الغروب صغا وأصغى.
فقوله :﴿وَلِتَصْغَى﴾ أي ولتميل.
فائدة :
"اللام" ﴿وَلِتَصْغَى﴾ لا بد له من متعلق.
فقال أصحابنا : التقدير : وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من شياطين الجن والإنس، ومن صفته أنه يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، وإنما فعلنا ذلك لتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون أي وإنما أوجدنا العداوة في قلب الشياطين الذين من صفتهم ما ذكرناه ليكون كلامهم المزخرف مقبولاً عند هؤلاء الكفار، قالوا : وإذا حملنا الآية على هذا الوجه يظهر أنه تعالى يريد الكفر من الكافر أما المعتزلة فقد أجابوا عنه من ثلاثة أوجه.


الصفحة التالية
Icon