قوله تعالى ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تقدم أن من قضى بشقاوته لا يتأتى إيمانه بآية من الآيات حتى تنزل به سطوته وتذيقه بأسه ونقمته.
وكان القرآن أعظم آية أنزلت إلى الناس لما لا يخفى.
أتبع ذلك عطفاً على قوله ﴿قال الكافرون إن هذا لسحر مبين﴾ بقوله بياناً لذلك :﴿وإذا تتلى﴾ بناه للمفعول إيذاناً بتكذيبهم عند تلاوة أي تالٍ كان.
وأبداه مضارعاً إشارة إلى أنهم يقولون ذلك ولو تكررت التلاوة ﴿عليهم﴾ أي على هؤلاء الناس ﴿آياتنا﴾ أي على ما لها من العظمة بإسنادها إلينا ﴿بينات﴾ فإنه مع ما اشتمل عليه مما لزمهم به الإقرار بحقيقته قالوا فيه ما لا معنى له إلا التلاعب والعناد، ويجوز عطفه على ﴿ثم جعلناكم خلائف﴾ - الآية - والالتفات إلى مقام الغيبة للإيذان بأنهم للإعراض لإساءتهم الخلافة، والموصول بصلته في قوله :﴿قال الذين لا يرجون لقآءنا﴾ في موضع الضمير تنبيهاً على أن هذا الوصف علة قولهم، ولعله عبر بالرجاء ترغيباً لهم لأن الرجاء محط أمرهم في طلب تعجيله للخير ودفعه للضمير.
فكان من حقهم أن يرجوا لقاءه تعالى رغبة في مثل ما أعده لمن أجابه، ولوح إلى الخوف بنون العظمة ليكون ذلك أدعى لهم إلى الإقبال ﴿ائت﴾ أي من عندك ﴿بقرآن﴾ أي كلام مجموع جامع لما تريد ﴿غير هذا﴾ في نظمه ومعناه ﴿أو بدله﴾ أي بألفاظ أخرى والمعاني باقية وقد كانوا عالمين ـ ﷺ ـ مثلهم في العجز عن ذلك ولكنهم قصدوا أنه يأخذ في التعبير حرصاً على إجابة مطلوبهم فيبطل مدعاه أو يهلك.


الصفحة التالية
Icon