قوله تعالى ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (٦٢) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أشار سبحانه إلى قوته بالجنود التي تفوت الحصر - وإن كان عنهم غنياً بصفة القهر - نبه بصيغة المجهول إلى استحضار عظمته وشامل جبروته وقدرته فقال :﴿ثم﴾ أي بعد حبسهم في قيد البرزخ ﴿ردوا﴾ أي ردهم راد منه لا يستطيعون دفاعه أصلاً ﴿إلى الله﴾ أي الذي لا تحد عظمته ولا تعد جنوده وخدمته ﴿مولاهم﴾ أي مبدعهم ومدبر أمورهم كلها ﴿الحق﴾ أي الثابت الولاية، وكل ولاية غير ولايته من الحفظة وغيرهم عدم، لأن الحفظة لا يعلمون إلا ما ظهر لهم، وهو سبحانه يعلم السر وأخفى.
ولما استحضر المخاطب عزته وقهره، وتصور جبروته وكبره، فتأهل قلبه وسمعه لما يلقى إليه ويتلى عليه، قال :﴿ألا له﴾ أي وحده حقاً ﴿الحكم﴾ ولما كان الانفراد بالحكم بين جميع الخلق أمراً يحير الفكر، ولا يكاد يدخل تحت الوهم، قال محقراً في جنب قدرته :﴿وهو﴾ أ يوحده ﴿أسرع الحاسبين﴾ يفصل بين الخلائق كلهم في أسرع من اللمح كما أنه يقسم أرزاقهم في الدنيا في مثل ذلك، لا يقدر أحد أن ينفك عن عقابه بمطاولة في الحساب ولا مغالطة في ثواب ولا عقاب، لأنه سبحانه لا يحتاج إلى فكر وروية ولا عقد ولا كتابة، فلا يشغله حساب عن حساب ولا شيء عن شيء. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٤٩﴾

فصل


قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿ثُمَّ رُدُّواْ إلى الله مولاهم الحق﴾ ففيه مباحث : الأول : قيل المردودون هم الملائكة يعني كما يموت بنو آدم يموت أيضاً أولئك الملائكة.
وقيل : بل المردودون البشر، يعني أنهم بعد موتهم يردون إلى الله.


الصفحة التالية
Icon