قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ذكر المصرين على المعصية، عطف عليه التائبين ترغباً في مثل حالهم فقال :﴿والذين عملوا السيئات﴾ عبر بالعمل إشارة إلى بالعفو وإن أقدموا عليها على علم، وجمع إعلاماً بأنه لا يتعاظمه ذنب وإن عظم وكثر وإن طال زمانه، ولذلك عطف بأداة البعد فقال :﴿ثم تابوا﴾ وحقق الأمر ونفى المجاز بقوله :﴿من بعدها﴾ ثم ذكر الأساس الذي لا يقبل عمل لم يبن عليه على وجه يفهم أنه لا فرق بين أن يكون في السيئات ردة أو لا فقال :﴿وآمنوا﴾ ثم أجاب المبتدأ بقوله :﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بقبول توبة التائبين لما سيرك من ذلك لأنك بهم رؤوف رحيم ﴿من بعدها﴾ أي التوبة ﴿لغفور﴾ أي محاء لذنوب التائبين عيناً وأثراً وإن عظمت وكثرت ﴿رحيم﴾ أي فاعل بهم فعل الرحيم من البر والإكرام واللطف والإنعام. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ١١٦﴾

فصل


قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿والذين عَمِلُواْ السيئات ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَءَامَنُواْ﴾ فهذا يفيد أن من عمل السيئات فلا بد وأن يتوب عنها أولاً، وذلك بأن يتركها أولاً ويرجع عنها، ثم يؤمن بعد ذلك.
وثانياً : يؤمن بالله تعالى، ويصدق بأنه لا إله غيره ﴿إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وهذه الآية تدل على أن السيئات بأسرها مشتركة في أن التوبة منها توجب الغفران، لأن قوله :﴿والذين عَمِلُواْ السيئات﴾ يتناول الكل.
والتقدير : أن من أتى بجميع السيئات ثم تاب فإن الله يغفرها له، وهذا من أعظم ما يفيد البشارة والفرح للمذنبين، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٣﴾


الصفحة التالية
Icon