وقال السمرقندى :
﴿ والذين عَمِلُواْ السيئات ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا ﴾
يعني : رجعوا عن الشرك بالله وعن السيئة ﴿ وَءامَنُواْ ﴾ يعني : صدقوا بوحدانية الله تعالى ﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا ﴾ من بعد التوبة، ويقال : من بعد السيئات ﴿ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ يعني :﴿ لَغَفُورٌ ﴾ لذنوبهم ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بهم بعد التوبة. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَءَامَنُواْ ﴾
أما التوبة من السيئات فهي الندم على ما سلف والعزم على ألاّ يفعل مثلها. فإن قيل فالتوبة إيمان فما معنى قوله :﴿ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَءَامَنُواْ ﴾ فالجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني أنهم تابوا من المعصية واستأنفوا عمل الإيمان بعد التوبة.
والثاني : يعني أنهم تابوا بعد المعصية وآمنوا بتلك التوبة.
والثالث : وآمنوا بأن الله قابل التوبة. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ والذين عملوا السيئات ﴾ الآية،
تضمنت هذه الآية الوعد بأن الله عز وجل يغفر للتائبين، والإشارة إلى من تاب من بني إسرائيل، وفي الآية ترتيب الإيمان بعد التوبة، والمعنى في ذلك أنه أرادوا وأمنوا أن التوبة نافعة لهم منجية فتمسكوا بها فهذا إيمان خاص بعد الإيمان على الإطلاق، ويحتمل أن يريد بقوله :﴿ وآمنوا ﴾ أي وعملوا عمل المؤمنين حتى وافوا على ذلك، ويحتمل أن يريد التأكيد فذكر التوبة والإيمان إذ هما متلازمان، إلا أن التوبة على هذا تكون من كفر ولا بد فيجيء " تابوا وآمنوا " بمعنى واحد، وهذا لا يترتب في توبة المعاصي فإن الإيمان متقدم لتلك ولا بد وهو وتوبة الكفر متلازمان، وقوله :﴿ إن ربك ﴾ إيجاب ووعد مرج.
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل قوله :" تابوا وآمنوا " أن يكون لم تقصد رتبة الفعلين على عرف الواو في أنها لا توجب رتبة ويكون ﴿ وآمنوا ﴾ بمعنى وهم مؤمنون قبل وبعد، فكأنه قال ومن صفتهم أن آمنوا. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon