قوله تعالى ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بكت في التواني عنهم، وعدهم بما يزيل خشيتهم منهم، بل يوجب إقدامهم عليهم ورغبتهم فيهم، فقال مصرحاً فيهم، فقال مصرحاً بما تضمنه الاستفهام الإنكاري في ﴿ألا تقاتلون﴾ من الأمر :﴿قاتلوهم﴾ أي لله لا لغرض غيره ﴿يعذبهم الله﴾ أي الذي أنتم مؤمنون بأنه المتفرد بصفات الجلال والجمال ﴿بأيديكم﴾ أي بأن تقتلوهم وتأسروهم وتهزموهم ﴿ويخزهم﴾ أي بالذل في الدنيا والفضيحة والعذاب في الأخرى.
ولما كان ذلك قولاً لا يقتضي النصر الذي هو علو العاقبة قال :﴿وينصركم عليهم﴾ أي فترضوا ربكم بذلك لإذلالة من يعاديه بكم ؛ ولما كان نكالهم بما ذكر يثمر لبعض المؤمنين سروراً لهم فيه حظ، بين تعالى أنه لا يؤثر في العمل بعد ثباته على أساس الإخلاص فقال :﴿ويشف﴾ أي بذلك ﴿صدور قوم مؤمنين﴾ أي راسخين في الإيمان، أسلفوا إليهم مساوىء أوجبت ضغائن وإحناً كخزاعة وغيرهم ممن أعانوا عليه أو أساؤوا إليه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٢٧٩ ـ ٢٨٠﴾


الصفحة التالية
Icon