قوله تعالى ﴿ انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ (٢٤) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان هذا من أعجب العجب، أشار إليه بقوله :﴿انظر﴾ وبالاستفهام في قوله :﴿كيف كذبوا﴾ وبالإشارة إلى أنهم فعلوه مع علمهم بما انكشف لهم من الغطاء أنه لا يجديهم بقوله :﴿على أنفسهم﴾ وهو نحو قوله ﴿فيحلفون له كما يحلفون لكم﴾ [ المجادلة : ١٨ ] - الآية.
ولما كان قولهم هذا مرشداً إلى أن شركاءهم غابوا عنهم، فلم ينفعوهم بنافعة، وكان الإعلام بفوات ما أنهم مقبل عليه فرح به، ساراً لخصمه جالباً لغمه، صرح به في قوله :﴿وضل﴾ أي غاب ﴿عنهم﴾ إما حقيقة أو مجازاً، أو هما بالنظر إلى وقتين، ليكون إنكاراً ﴿ما كانوا يفترون﴾ أي يتعمدون الكذب في ادعاء شركته عناداً لما على ضده من الدلائل الواضحة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٢١﴾
فصل
قال السمرقندى :
﴿ انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ ﴾ أي : كيف صار وبال تكذيبهم على أنفسهم.
ويقال : يقول الله تعالى للملائكة : انْظُر كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ } يعني : انظر إليهم كيف يكذبون على أنفسهم ﴿ وَضَلَّ عَنْهُم ﴾ يعني : ذهب عنهم.
ويقال : اشتغل عنهم الآلهة بأنفسها ﴿ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾ على الله من الكذب في الدنيا. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ﴾ فالمراد إنكارهم كونهم مشركين، وقوله ﴿وَضَلَّ عَنْهُم﴾ عطف على قوله ﴿كَذَّبُواْ﴾ تقديره : وكيف ضل عنهم ما كانوا يفترون بعبادته من الأصنام فلم تغن عنهم شيئاً وذلك أنهم كانوا يرجون شفاعتها ونصرتها لهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٥٣﴾