قوله تعالى ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ختم الكلام فيهم بنفي شعورهم بين تعالى في معرض التبكيت أن نفيهم عنه إنما هو لأنهم معاندون، لا يعملون بعلمهم، بل يعملون بخلافه، فقال مستأنفاً بما يدل على غاية التبكيت المؤذنة بشديد الغضب :﴿يا أهل الكتاب﴾ أي الذين يدعون أنهم أهل العلم ﴿لم تكفرون﴾ أي كفراً تجددونه في كل وقت ﴿بآيات الله﴾ أي تسترون ما عندكم من العلم بسبب الآيات التي أنزلت عليكم من الملك المحيط بكل شيء عظمة وعزاً وعلماً ﴿وأنتم تشهدون﴾ أي تعلمون علماً هو عندكم في غاية الانكشاف أنها آياته أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١١٣﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما بيّن حال الطائفة التي لا تشعر بما في التوراة من دلالة نبوّة محمد ﷺ، بيّن أيضاً حال الطائفة العارفة بذلك من أحبارهم.
فقال :﴿يأَهْلَ الكتاب لِمَ تَكْفُرُونَ بأيات الله﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨١﴾
في قوله ﴿بآيات الله﴾ وجوه
الأول : أن المراد منها الآيات الواردة في التوراة والإنجيل، وعلى هذا القول فيه وجوه
أحدها : ما في هذين الكتابين من البشارة بمحمد عليه السلام، ومنها ما في هذين الكتابين، أن إبراهيم عليه السلام كان حنيفاً مسلماً، ومنها أن فيهما أن الدين هو الإسلام.
واعلم أن على هذا القول المحتمل لهذه الوجوه نقول : إن الكفر بالآيات يحتمل وجهين :
أحدهما : أنهم ما كانوا كافرين بالتوراة بل كانوا كافرين بما يدل عليه التوراة فأطلق اسم الدليل على المدلول على سبيل المجاز والثاني : أنهم كانوا كافرين بنفس التوراة لأنهم كانوا يحرفونها وكانوا ينكرون وجود تلك الآيات الدالة على نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon