قوله تعالى ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أفهم ذلك أن إباءهم لقبول حكمه والاعتراف بالذنب لديه سبب مانع لهم من الإيمان، قال - مؤكداً للكلام غاية التأكيد بالقسم المؤكد لإثبات مضمونه و " لا " النافية لنقيضه :﴿فلا وربك﴾ أي المحسن إليك ﴿لا يؤمنون﴾ أي يوجدون هذا الوصف ويجددونه ﴿حتى يحكموك﴾ أي يجعلوك حكماً ﴿فيما شجر﴾ أي اختلط واختلف ﴿بينهم﴾ من كلام بعضهم لبعض للتنازع حتى كانوا كأغصان الشجر في التداخل والتضايق.
ولما كان الإذعان للحكم بما يخالف الهوى في غاية الشدة على النفس أشار إليه بأداة التراخي فقال :﴿ثم لا يجدوا في نفسهم حرجاً﴾ أي نوعاً من الضيق ﴿مما قضيت﴾ أي عليهم به، وأكد إسلامهم لأنفسهم بصيغة التفعيل فقال :﴿ويسلموا﴾ أي يوقعوا التسليم البليغ لكل ما هو لهم من أنفسهم وغيرها لله ورسوله ﷺ خالصاً عن شوب كره ؛ ثم زاده تأكيداً بقوله :﴿تسليماً﴾ وفي الصحيح أن الآية نزلت في الزبير وخصم له من الأنصار، فلا التفات إلى من قال : إنه حاطب رضي الله عنه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٧٥﴾
فصل سبب نزول الآية
قال الفخر :
في سبب نزول هذه الآية قولان :
أحدهما : وهو قول عطاء ومجاهد والشعبي : أن هذه الآية نازلة في قصة اليهودي والمنافق، فهذه الآية متصلة بما قبلها، وهذا القول هو المختار عندي.