قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (١٤٩) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (١٥٠)﴾
مناسبة الآيتين لما قبلهما
قال البقاعى :
ولما أمر سبحانه وتعالى بطاعته الموجبة للنصر والأجر وختم بمحبته للمحسنين، حذر من طاعة الكافرين المقتضية للخذلان رغبة في موالاتهم ومنا صرتهم فقال تعالى واصلاً بالنداء في آية الربا :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان ﴿إن تطيعوا﴾ بخضوع واستئمان أو غيره ﴿الذين كفروا﴾ أي هذا الفريق منهم أو غيره ﴿يردوكم على أعاقبكم﴾ بتعكيس أحوالكم إلى أن تصيروا مثلهم ظالمين كافرين ﴿فتنقلبوا خاسرين﴾ في جميع أموركم في الدارين، فتكونوا في غاية البعد من أحوال المحسنين، فتكونوا بمحل السخط من الله صغرة تحت أيدي الأعداء في الدنيا خالدين في العذاب في الأخرى، وذلك ناظر إلى قوله تعالى أول ما حذر من مكر الكفار
﴿يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب﴾ [ آل عمران : ١٠٠ ]، وموضح أن جميع هذه الآيات شديد اتصال بعضها ببعض - والله الموفق.
ولما كان التقدير : فلا تطيعوهم، إنهم ليسوا صالحين للولاية مطلقاً ما دمتم مؤمنين، عطف عليه قوله :﴿بل الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿مولاكم﴾ مخبراً بأنه ناصرهم وأن نصره لا يساويه نصر أحد سواه بقوله :﴿وهو خير الناصرين﴾ أي لأن من نصره سبب له جميع أسباب النصر وأزال عنه كل أسباب الخذلان فمنع غيره - كائناً من كان - من إذلاله. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٦٥ ـ ١٦٦﴾
وقال الفخر :