اعلم أن هذه الآية من تمام الكلام الأول، وذلك لأن الكفار لما أرجفوا أن النبي ﷺ قد قتل، ودعا المنافقون بعض ضعفة المسلمين إلى الكفر، منع الله المسلمين بهذه الآية عن الالتفات إلى كلام أولئك المنافقين.
فقال :﴿يا أيها الذين ءامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٥﴾

فصل


قال الفخر :
قيل :﴿إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ﴾ المراد أبو سفيان، فإنه كان كبير القوم في ذلك اليوم، قال السدي : المراد أبو سفيان لأنه كان شجرة الفتن، وقال آخرون : المراد عبدالله بن أبي وأتباعه من المنافقين، وهم الذين ألقوا الشبهات في قلوب الضعفة وقالوا لو كان محمد رسول الله ما وقعت له هذه الواقعة، وإنما هو رجل كسائر الناس، يوما له ويوما عليه، فارجعوا إلى دينكم الذي كنتم فيه، وقال آخرون : المراد اليهود لأنه كان بالمدينة قوم من اليهود، وكانوا يلقون الشبهة في قلوب المسلمين، ولا سيما عند وقوع هذه الواقعة، والأقرب أنه يتناول كل الكفار، لأن اللفظ عام وخصوص السبب لا يمنع من عموم اللفظ. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٥ ـ ٢٦﴾
قوله :﴿إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ فَتَنقَلِبُواْ خاسرين﴾
قال الفخر :
قوله :﴿إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ﴾ لا يمكن حمله على طاعتهم في كل ما يقولونه بل لا بد من التخصيص فقيل : إن تطيعوهم فيما أمروكم به يوم أحد من ترك الإسلام، وقيل : إن تطيعوهم في كل ما يأمرونكم من الضلال، وقيل في المشورة، وقيل في ترك المحاربة وهو قولهم :﴿لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا﴾ [ آل عمران : ١٥٦ ].
ثم قال :﴿يَرُدُّوكُمْ على أعقابكم﴾ يعني يردوكم إلى الكفر بعد الإيمان، لأن قبول قولهم في الدعوة إلى الكفر كفر.
ثم قال :﴿فَتَنقَلِبُواْ خاسرين ﴾.


الصفحة التالية
Icon