قوله تعالى ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أخبر تعالى أن الكفار سيغلبون وأنه ليس لهم من ناصرين كان حالهم مقتضياً لأن يقولوا : كيف ونحن أكثر من الحصى وأشد شكائم من ليوث الشرى، فكيف نغلب ؟ أم كيف لا ينصر بعضنا بعضاً وفينا الملوك والأمراء والأكابر والرؤساء ومناوونا القليل الضعفاء، أهل الأرض الغبراء، وأولو البأساء والضراء، فقال تعالى لينتبه الراقدون من فرش الغفلات المتقلبون في فلوات البلادات من تلهيهم بما رأوا وسمعوا من نزع الملك من أقوى الناس وإعطائه لأضعفهم فيعلموا أن الذي من شأنه أن يفعل ذلك مع بعض أعدائه جدير بأن يفعل أضعافه لأوليائه :﴿قل اللهم﴾ قال الحرالي : ولما كان هذا الأمر نبوة ثم خلافة ثم ملكاً فانتظم بما تقدم من أول السورة أمر النبوة في التنزيل والإنزال، وأمر الخلافة في ذكر الراسخين في العلم الذين يقولون :
﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا﴾ [ آل عمران : ٨ ]، وكانت من هجيري أبي بكر رضي الله تعالى عنه، يقنت بها في وتر صلاة النهار في آخر ركعة من المغرب - انتظم برؤوس تلك المعاني ذكر الملك الذي آتى الله هذه الأمة، وخص به من لاق به الملك، كما خص بالخلافة من صلحت له الخلافة، كما تعين للنبوة الخاتمة من لا يحملها سواه - انتهى ؛ فقال :﴿قل﴾ أي يا محمد أو يا من آمن بنا مخاطباً لإلهك مسمعاً لهم ومعرضاً عنهم ومنبهاً لهم من سكرات غفلاتهم في إقبالهم على ملوك لا شيء في أيديهم، وإعراضهم عن هذا الملك الأعظم الذي بيده كل شيء.


الصفحة التالية
Icon