قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١١٩)﴾
مناسبة الآيتين لما قبلهما
قال البقاعى :
ولما كان الجمال بالمال لا سيما مع الإنفاق من أعظم المرغبات في الموالاة، وكانت هذه الآية قد صيرت جميلة قبيحاً وبَذوله شحيحاً ؛ قال سبحانه وتعالى - مكرراً التنبيه على مكر ذوي الأموال والجمال الذين يريدون إيقاع الفتنة بينهم من اليهود والمنافقين ليضمحل أمرهم وتزول شوكتهم :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي إيماناً صحيحاً مصدقاً ادعاؤه بالعمل الصالح الذي من أعظمه الحب في الله والبغض في الله ﴿لا تتخذوا بطانة﴾ أي من تباطنونهم بأسراركم وتختصونهم بالمودة والصفاء ومبادلة المال والوفاء ﴿من دونكم﴾ أي ليسوا منكم أيها المؤمنون، وعبر بذلك إعلاماً بأنهم يهضمون أنفسهم وينزلونها عن علّي درجتها بموادتهم.
ثم وصفهم تعليلاً للنهي بقوله :﴿لا يألونكم خبالاً﴾ أي يقصرون بكم من جهة الفساد، ثم بين ذلك بقوله على سبيل التعليل أيضاً :﴿ودّوا ما عنتم﴾ أي تمنوا مشقتكم.


الصفحة التالية
Icon