قوله تعالى ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما تقدم أول السورة تبكيتهم والتعجيب منهم في ادعاءهم لله ولداً من الملائكة وهددهم بقوله ﴿ستكتب شهادتهم ويسألون﴾ وذكر شبههم في قولهم ﴿لو شاء الرحمن ما عبدناهم﴾ وجهلهم فيها بقوله ﴿ما لهم بذلك من علم﴾ ونفى أن يكون لهم على ذلك دليل سمعي بقوله منكراً موبخاً ﴿أم آتيناهم كتاباً﴾ ومر في توهية أمرهم في ذلك وغيره بما لاحم بعضه بعضاً على ما تقدم إلى ما تمم نفي الدليل السمعي على طريق النشر المشوش بقوله تعالى ﴿واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا﴾، ونظم به ما أتى به رسوله أهل الكتاب مما يصدق ما أتى به كتابنا من التوحيد وما هدد به من أعراض عنه إلى أن أخبر أنه الحق الذي لا زوال أصلاً لشيء منه، وأن رسله سبحانه تكتب جميع أعمالهم من شهادتهم في الملائكة وغيرها، أعاد الكلام في إبطال شبهتهم في أن عبادتهم لهم لو كانت ممنوعة لم يشأها الذي له عموم الرحمة لأن عموم رحمته يمنع على زعمهم مشيئة ما هو محرم، فقال بعد أن نفى قوله ﴿واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا﴾ أن يكون لهم دليل سمعي على أحد من رسله عليهم الصلاة والسلام :﴿قل إن كان للرحمن﴾ أي العام الرحمة ﴿ولد﴾ على ما زعمتم، والمراد به الجنس لادعائهم في الملائكة، وغيرهم في غيرهم، وقراءة حمزة والكسائي بضم ثم سكون على أنه جمع على إرادة الكثرة.


الصفحة التالية
Icon