قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (١٤٧)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما أثنى سبحانه وتعالى على فعلهم أتبعه قولهم فقال :﴿وما كان﴾ أي شيء من القول ﴿قولهم﴾ أي بسبب ذلك الأمر الذي دهمهم ﴿إلا أن قالوا﴾ أي وهم يجتهدون في نصر دين الله ناسبين الخذلان إلى أنفسهم بتعاطي أسبابه ﴿ربنا اغفر لنا ذنوبنا﴾ أي التي استوجبنا بها الخذلان ﴿وإسرافنا في أمرنا﴾ هضماً لأنفسهم، فمع كونهم ربانيين مجتهدين نسبوا ما أصابهم إلى ذنوبهم، فافعلو أنتم فعلهم لتنالوا من الكرامة ما نالوا، كما أشار لكم سبحانه وتعالى إلى ذلك قبل الأخذ في قص القصة عندما وصف به المتقين من قوله :﴿أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم﴾ [ آل عمران : ١٣٥ ].
ولما دعوا بمحو ما أوجب الخذلان دعوا بثمرة المحو فقالوا :﴿وثبت أقدامنا﴾ إشارة إلى أن الرعب من نتائج الذنب، والثبات من ثمرات الطاعة - إنما تقاتلون الناس بأعمالكم - ثم أشاروا إلى أن قتالهم لهم إنما هو لله، لا لحظ من حظوظ النفس أصلاً بقوله :﴿وانصرنا على القوم الكافرين ﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٦٤﴾
وقال الآلوسى :
وقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ ﴾ كالتتميم والمبالغة في صلابتهم في الدين وعدم تطرق الوهن والضعف إليهم بالكلية، وهو معطوف على ما قبله، وقيل : كلام مبين لمحاسنهم القولية إثر بيان محاسنهم الفعلية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٨٤﴾

فصل


قال الفخر :
قوله :﴿وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا﴾ يدل على أن فعل العبد خلق الله تعالى، والمعتزلة يحملونه على فعل الألطاف. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٢٤﴾


الصفحة التالية
Icon