قوله تعالى ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦) ﴾
" فصل "
قال البقاعى :
﴿يستفتونك﴾ أي يسألونك أن تفتيهم، أي أن تبين لهم بما عندك من الكرم والجود والسخاء ما انغلق عليهم أمره وانبهم لديهم سره من حكم الكلالة، وللاعتناء بامر المواريث قال إشارة إلى أن الله لم يكل أمرها إلى غيره :﴿قل الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿يفتيكم في الكلالة﴾ وهو من لا ولد له ؛ ولا والد روى البخاري في التفسير عن البراء رضي الله عنه قال : آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾، وقال الأصبهاني عن الشعبي : اختلف أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في الكلالة، فقال أبو بكر : هو ما عدا الوالد، وقال عمر : ما عدا الوالد والولد، ثم قال عمر : إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر رضي الله عنه ؛ ثم استأنف قوله :﴿إن امرؤ هلك﴾ أي وهو موصوف بأنه، أو حال كونه ﴿ليس له ولد﴾ أي وإن سفل سواء كان ذكراً أو أنثى عند إرث النصف، وليس له أيضاً والد، فإن كان له أحدهما لم يسم كلالة وقد بينت ذلك السنة ؛ قال الأصبهاني : وليسا بأول حكمين بُينَ أحدهما بالكتاب والآخر بالسنة، وهو قوله عليه الصلاة والسلام :" ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى عصبة ذكر، والأب أولى من الأخ " ﴿و﴾ الحال أنه ﴿له أخت﴾ أي واحدة من أب شقيقة كانت أو لا، لأنه سيأتي أن أخاها يعصبها، فلو كان ولد أم لم يعصب ﴿فلها نصف ما ترك وهو﴾ أي وهذا الأخ الميت ﴿يرثها﴾ أي إن ماتت هي وبقي هو، جميع مالها ﴿إن لم يكن لها ولد﴾ أي ذكراً كان أو أنثى - كما مر في عكسه، هذا إن أريد بالإرث جميع المال، وإلا فهو يرث مع الأنثى كما أنها هي أيضاً ترث مع الأنثى - كما يرشد إليه السياق أيضاً - دون النصف.


الصفحة التالية
Icon